728x90 شفرة ادسنس

  • اخر الاخبار

    الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

    هل دقت ساعة الأوبئةمرة اخرا؟









    كتب/ أيمن بحر 

    بين مد الكوارث البيئية وجزر الأزمات الجيوسياسية يبرز تكاثر الأوبئة كنتيجة حتمية لانهيار التوازنات البيئية.


    القرن الحادى والعشرون قرن الأوبئة بامتياز! تلك ليست خرافات ولا إحدى نظريات المؤامرة. الكوكب يعانى. والتوازنات البيئية العظيمة التى دعمت الحياة على سطح الأرض لآلاف السنين باتت فى حالة من الفوضى. وتوضح الكوارث البيئية من ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى ارتفاع منسوب مياه البحار إلى حرائق الغابات الخارجة عن السيطرة إلى فقدان التنوع البيولوجي المتسارع والمتفشى التفكك التدريجى للنظم الطبيعية. وتكاد صفحة الإنسان العاقل وبالتالى البشرية تلوث بإدراك مفجع: لقد زعزعت الأفعال البشرية نفسها أسس الكوكب. وفاقمت الصراعات الجيوسياسية وعدم المساواة الاقتصادية والثقافة التي تركز على الاستهلاك المفرط والسياسات غير الفعالة وغير المسؤولة (فى بعض الأحيان) هذا التدهور، مما يكشف تصادماً بين الطموحات البشرية والحقائق البيئية. وتظهر الأوبئة كنتيجة حتمية فى ظل الاضطرابات التى تطبع هذا العصر.


    اختبر العالم على مر التاريخ العديد من الأوبئة المدمرة كطاعون أثينا فى القرن الخامس قبل الميلاد والطاعون الأنطونى فى القرن الثانى وطاعون جستنيان فى القرن السادس، والموت الأسود في القرن الرابع عشر والإنفلونزا الإسبانية فى القرن العشرين. ومع ذلك، شهد العقدان الأخيران زيادة كبيرة في عدد الأوبئة واختبر العالم أكثر من جائحة. وتطول قائمة الأوبئة التي عانت منها البشرية مثل الأنفلونزا A (H1N1) فى العام 2009، والإيبولا في غرب أفريقيا فى العام 2014 وفى كيفو فى العام 2019 وجائحة كوفيد-19 فى العام 2019، ومؤخرًا جدرى القرود فى العام 2022، ثم في العام 2024. ومن المرجح أن تتفاقم هذه الظاهرة فى المستقبل حسب العديد من الدراسات العلمية. ووفقاً لتقديرات ماراني وآخرين التى نُشرت فى أغسطس 2021 قد يتضاعف احتمال حدوث أوبئة شديدة ثلاث مرات خلال العقود المقبلة. فما هى الأسباب وراء تفاقم هذا التهديد؟


    يرتبط الاحتباس الحراري، الآفة الكبرى للعصر، بشكل وثيق بزيادة الأوبئة. فهو يؤثر على مسببات الأمراض (مثل حمى الضنك والشيكونغونيا وزيكا وفيروسات غرب النيل) ويزيد من تسربها من الحيوانات إلى البشر (مثل الزاعجة البيضاء والقراد). وغالباً ما يؤدى ظهور مسببات الأمراض هذه، في المناطق غير الموبوءة، لانتشار الأوبئة. ووفقاً لتحليل في مجلة Nature (أغسطس 2022) قد تتفاقم 58% من الأمراض المعدية البشرية بسبب التغير المستمر فى المناخ. وبالإضافة إلى ذلك، أدت أحداث متطرفة أخرى إلى ظهور الأوبئة أيضًا ومنها تلوث مصادر مياه الشرب ونزوح المجموعات البشرية والحيوانية. وفى الواقع تم الإبلاغ عن حالات الكوليرا وشلل الأطفال (كما فى غزة حاليًا) في المناطق المتضررة من الكوارث الطبيعية (مثل الزلازل والفيضانات) أو البشرية (مثل الحروب).


    يثير انتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا والسل والملاريا فى مناطق جغرافية واسعة مخاوف صحية كبيرة. ويتفاقم هذا الوضع بسبب ظهور مقاومة الأدوية وتزايد قدرة البعوض على تحمل المبيدات الحشرية وعدم كفاية ظروف الصرف الصحى وبسبب آثار العولمة أيضاً. ووفقا للبنك الدولى ارتفع إجمالي عدد المسافرين جواً من أقل من مليارين فى العام 2000 إلى أكثر من أربعة مليارات في العام 2019 فى غضون عقدين من الزمن فقط. ويخلق هذا النمو الهائل فى الاتصال العالمي مخاطر جديدة مرتبطة بمسببات الأمراض الناشئة. وتؤكد دراسة إحصائية أميركية نشرت عام 2022 هذه الملاحظة من خلال تسليط الضوء على دور الترابط فى شبكات التهوئة فى زيادة انتقال الفيروس. وذلك بناءً على البيانات المتعلقة بجائحة كوفيد-19.


    ويترك تزايد الشكوك وعدم الثقة فى العلم تأثيراً مقلقاً على انتشار الأوبئة. ومن خلال التشكيك فى التوصيات المستندة إلى أدلة علمية راسخة ورفض استراتيجيات الوقاية القائمة، يمكن تقويض جهود مكافحة تفشي المرض بشكل خطير. ويستمر وباء شلل الأطفال جزئياً بسبب التردد فى اللقاح فى أجزاء من أفغانستان وباكستان حيث تم الإبلاغ عن ست حالات جديدة (حتى الآن) فى العام 2024. ومع ذلك حذرت منظمة الصحة العالمية من تطور الوباء المحلي ليصبح جائحة عالمية فى حال بقيت معدلات التطعيم منخفضة. علاوة على ذلك وفقاً لدراسة نشرت فى أكتوبر 2021 فى مجلة Nature أدت الشكوك العلمية إلى انخفاض الامتثال لتدابير الاحتواء المرتبطة بكوفيد-19 فى الولايات المتحدة مما فاقم من انتشار الفيروس.


    ومن العوامل المؤثرة أيضا فى انتشار الأمراض المعدية عن غير قصد، السياسات العبثية التي قد تصل أحيانًا إلى مستوى اللامسؤولية. فبالنسبة لبعض صناع القرار الاحتباس الحرارى العالمى مجرد أسطورة بسيطة. وهم يرفضون الاعتراف بحقيقة آثاره الضارة والتى لا رجعة فيها على الكوكب ويرفضون الانخراط فى إجراءات ملموسة لمواجهتها. علاوة على ذلك، تظهر اللامبالاة ونقص التدابير المتخذة فى مواجهة الأوبئة التى تجتاح البلدان الفقيرة قصر النظر وغياب التضامن على نطاق عالمي. وفى الواقع يعرض إهمال الصحة العامة فى جزء واحد من العالم الكوكب بأكمله لأزمات صحية محتملة. وتشكل أوبئة جدرى القرود الحالية مثالاً واضحاً على ذلك. وأخيراً، بمواجهة التوترات الدولية المتصاعدة لم يكن ينقص الكوكب إلا التهديدات باستخدام الأسلحة البيولوجية. ويمكن فى هذا السياق استخدام بعض العوامل المعدية كعصيات الجمرة الخبيثة أو يرسينيا بيستيس (البكتيريا المسؤولة عن الطاعون) أو فيروس الجدرى بشكل يهدد البشرية

    أخيراً يلف الغموض مستقبل البشرية بمواجهة الخطر المحتمل للانفجارات الوبائية. ومن الأهمية بمكان التعاون على مستوى دولى من أجل السيطرة على المخاطر والتخفيف من حدتها

    • تعليقات بلوجر
    • تعليقات الفيس بوك
    Item Reviewed: هل دقت ساعة الأوبئةمرة اخرا؟ Rating: 5 Reviewed By: aymanbahr
    Scroll to Top